مسيرة باني
Inventeur
السيد العجرودي، مشيد الجسور الإنسانية
مخترع و مطور للأفكار و كذلك رجل صناعة ذائع الصيت، فالسيد محمد العياشي العجرودي متعدد الاختصاصات. ويستثمر هذا التونسي الفرنسي كثيرا في الطاقات المتجددة.
و ما يميز السيد العجرودي عن بقية رجال الأعمال، هو اهتمامه الشديد بالابتكارات التكنولوجية و مساهمته بخبرته في تحسين حياتنا اليومية و ظروف العمل.
عودة على مسيرته الثرية كمخترع و مهندس مرموق.
نجاح في صمت ولكن فريد من نوعه
حقق السيد محمد العياشي العجرودي، المهندس المختص في الهيدروليك والمتخرج من كلية البوليتكنيك بمدينة “ليل” الفرنسية نجاحه في صمت. حيث و منذ قدومه لفرنسا و هو لازال شابا، تألق و تميز من خلال أعماله التي حققت ثورة في عالم الصناعة. فقد انضم سنة 1977 إلى مؤسسة ISEE OFFSHORE التي يقع مقرها بمدينة “Pas-de-Calais” والمتخصصة في الأعمال البترولية و البحرية. و في بداية الثمانينات، رغب في بعث أول مؤسسة. و لكن كان ينقصه خمسة الاف (5000) فرنك فرنسي عن مبلغ جملي قدره عشرين الف (20000) فرنك المقدار الأدنى المطلوب لتكوين رأس مال الشركة، حيث رفضت البنوك منحه قرضا للغرض. فقدم له والدا صديقه، وهو بدوره مهندس شاب، المبلغ الذي سمح له بإنشاء شركته الأولى “AMIS” “آرتوا لخدمات الصيانة الصناعية“. و قد جاءته فكرة بعث هذه الشركة من خلال الخبرة التي اكتسبها أثناء مزاولته لعمله في البحرية التجارية، فقد اخترع رابطا مرنا يسمح بتفادي تكسر خطوط الأنابيب الذي عادة ما يحصل عند تركيب المنصات البترولية البحرية. لا أحد فكر في الأمر من قبل. اذ يقول السيد العجرودي “يجب معرفة البحر، وفهم مدى المعاناة وما معنى بارجة.” هكذا تحدث العياشي العجرودي.
و قد وفر شيخ مدينة “Pas-de-Calais” و بصفة مجانية مقرات مهجورة و غير مكيفة حتى يعزز تشغيل المتساكنين. و بمعية 7 أصدقاء من المهندسين، أنجز السيد محمد العياشي العجرودي، بكل تأن و صبر، الأنموذج المبدئي و أودع براءة الاختراع. ثم اتصل بفرع شركة البترول الفرنسية “ETPM” (شركة أشغال بترولية بحرية) و التي أصبح اسمها “ELF AQUITAINE”، المختصة في المنصات و التنقيب في البحر، التي تقدمت بطلبية بعشرة نماذج. وافق البنك على خط ائتمان ب 8 ملايين فرنكا فرنسيا أي ما يعادل 1.2 مليون أورو. وهذا ما سمح له بالذهاب إلى “Port-Gentil” بالغابون و إلى ماليزيا حتى يتمكن من الإشراف بنفسه على عملية تركيب الروابط. و مع نفس فكرة البحث عن المشكل أو الخلل في عملية فنية، مع تحسين الأداة و التقليص من الوقت و التعب لمستعمليها، اخترع نظام ضغط يرتكز على مبدأ الضغط قصد الاختصار في زمن التنقيب في البحر. وعملية الحفر مستلهمة من تلك التي استعملت في النفق تحت بحر المانش أو إنجاز أنفاق المترو.
اختراعات ذات بعد دولي
في شهر ماي من سنة 1986، قام بتصنيع آلة لحفر الأنفاق لحساب شركة “PERFOREX” حظيرة للقطار السريع “TGV”، ب “La Calabre” و قد استعملت هذه الآلة خاصة في حفر مترو مدينة “ليل“، “كاراكاس” بفينيزويلا و أيضا في حظيرة السكك الحديدية بمدينة “Consenza” بجنوب إيطاليا.
و بعد عمله صلب شركة “AMIS”، أنشأ السيد محمد العياشي العجرودي شركته الثانية “PORTUBE” و التي تحمل نفس اسم اختراعه الشهير. و “Portube II” وهو نظام ري تحت أرضي، عرف نجاحا عالميا و تم تتويجه بفرنسا العديد من المرات، خاصة من قبل الوكالة الوطنية للتثمين “LANVAR”. فعوض سقي الحدائق، والعشب و النباتات بواسطة خرطوم المياه، يتم ريها من تحت الأرض و هذا ما يمثل ربحا وفيرا في استهلاك المياه خاصة بالنسبة للبلدان الذي أصبح فيها مثل هذا المورد الطبيعي شحيحا. وأمام النجاح الساحق لهذا الاختراع، فتحت له أبواب السوق السعودية، مما سمح له بالإقامة مع عائلته في هذا البلد. و هكذا أصبح السيد العجرودي مختصا في المبادلات التجارية و الاستثمارات الصناعية بالمملكة السعودية. و بوصفه مقاولا فذا، ناقش بنود عقد بـأكثر من 15 مليار دولار من أجل توزيع المياه و التطهير في منطقة مكة المكرمة.
و قد صمم كذلك “SPORTVERT” (الرياضة الخضراء)، و هي آلة تشييد ملاعب كرة قدم في ظرف أسبوع عوضا عن ستة أسابيع، باشتغالها على الجانب اللوجيستي: تصريف المياه، الري و البذور. وقد تم تتويج هذا الاختراع بجائزة ” LANVAR” مكافأة الشبان مخترعي الغد.
تطوير مشاريع مستقبلية
و بالنسبة لأبحاثه ضد التصحر بإفريقيا، أنجز السيد العجرودي دراسة هامة تهم تحويل جزئي لمجرى نهر الزايير لإنشاء قنال بين المحيط الأطلسي و البحر الأحمر. و قد شارك كذلك في الشرق الأوسط في العديد من المشاريع من أجل تطوير الفلاحة بالعربية السعودية و قد تحصل على دكتوراه فخرية من جامعة قناة السويس.
و بما أنه على وعي تام بالمشاكل التي يمر بها وطنه الأم تونس، و كذلك إفريقيا، اقترب أكثر فأكثر خلال السنوات الأخيرة من جذوره قصد إيجاد أفضل الحلول.
و منذ بداياته، اهتم السيد العياشي العجرودي كثيرا بالطاقات المتجددة. “يوجد تقريبا مليارين شخص ليس لديهم لا ماء و لا كهرباء، و قريبا سيصبح عدد السكان في العالم 9 مليارات. إنه سوق ضخم. و نظرا للحاجة المتزايدة للماء، يبدو أن الحل الوحيد هو تحلية مياه البحر. و لكن هذا سيحتاج إلى الكثير من الطاقة الشمسية و النفايات. بالنسبة للشمسية، فإنه يمكن لنظام ألواح فولطية مرتبطة بسخان مياه يشتغل بالظغط، أن تسمح يوما ما بحل المشكل الشائك لخزن الطاقة. و هو يعمل حاليا على ابتكارات جديدة لمقاومة المشاكل البيئية